رجب
الاسراء والمعراج
رجب الشهر السابع من السنة القمرية كلمة رجب جاءت من الرجوب بمعنى
التعظيم وفيه حدثت معجزة "الاسراء والمعراج، وهجرة المسلمين
إلى الحبشة.
- كانت بداية الاضطهادات في أواسط السنة الرابعة من النبوة، بدأت ضعيفة،
ثم اشتدت وتفاقمت في أواسط السنة الخامسة.
- ففكر المسلمون فى حيلة تنجيهم
من هذا العذاب الأليم.
- وفي هذه الساعة الضنكة نزلت
سورة الكهف، وفيها ثلاث قصص بليغة للمؤمنين
- قصة أصحاب الكهف وترشد إلى
الهجرة من مراكز الكفر مخافة الفتنة.
- قصة الخضر وموسى وتفيد أن الظروف
لا تجرى حسب الظاهر.
- قصة ذى القرنين وتفيد أن الأرض
لله يورثها من يشاء من عباده.
- ثم نزلت سورة الزمر وتشير إلى الهجرة «أرض الله واسعة وإنما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب»
- وكان (صلى الله عليه وسلم)
قد علم أن أصحمة النجاشى ملك الحبشة ملك عادل، لا يظلم عنده أحد.
- فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى
الحبشة فرارا بدينهم من الفتن.
قال الأب:
- مقدمة لابد منها لكي نقف على سبب الهجرة للهروب بالدين.. بارك الله
فيك.
قالت ندى:
- وفى رجب سنة خمس من النبوة
هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة
وكان مكونا من اثني عشر رجلا وأربع نسوة.
- وكان رئيسهم عثمان بن عفان
ومعه السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم)
- قال النبي إنهما أول بيت هاجر
في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام.
- وكان رحيل هؤلاء تسللا في ظلمة
الليل وهيأ لهم الله سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، وأقام المسلمون في أحسن
جوار.
قال الأب:
- وفى رمضان من السنة نفسها خرج النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى
الحرك وقرأ سورة النجم بغتة، وكان هؤلاء الكفار لم يسمعوا كلام الله قبل ذلك،
وكانوا يقولون «لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون»
- فلما باغتهم بتلاوة هذه السورة أصغوا لهذا الكلام الرائع حتى قال
(صلى الله عليه وسلم) «فاسجدوا لله
واعبدوا» سجدوا جميعا.
- بلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة، فظنوا أن قريشا أسلمت، ولم يدروا
أنهم عادوا وعاندوا.
قال أحمد:
- فرجعوا، وهم فى الطريق عرفوا الحقيقة فرجع منهم من رجع، والذي دخل
مكة فإما مستخفيا أو في جوار رجل من قريش، ولكنهم فوجئوا بأن الاضطهاد الواقع على
الإسلام أشد وأحد.
- فأمرهم (صلى الله عليه وسلم) بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى.
قالت ندى:
- كان عددهم هذه المرة ثمانين رجلاً غير الأطفال والنساء، ويقال أن
الهجرة قد تمت بين 610 ـ 629 م.
- عندما علمت قريش بذلك انزعجت، فأرسلت إلى النجاشي عمرو بن العاص،
وهو "داهية العرب"، وعبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا حتى يسلمهما
المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.
- فدعاهم النجاشي، فلما حضروا، صاح جعفر بن أبي طالب بالباب
"يستأذن عليك حزب الله"، فقال النجاشي: مروا هذا الصائح فليعد كلامه.
ففعل. قال نعم. فليدخلوا بإذن الله وذمته. فدخلوا ولم يسجدوا له. فقال ما منعكم أن
تسجدوا لي؟ قالوا: إنما نسجد لله الذي خلقك وملكك، وإنما كانت تلك التحية لنا ونحن
نعبد الأوثان. فبعث الله فينا نبيا صادقا. وأمرنا بالتحية التي رضيها الله. وهي
"السلام" تحية أهل الجنة. فعرف النجاشي أن ذلك حق. وأنه في التوراة والإنجيل.
فقال: أيكم الهاتف يستأذن؟ فقال جعفر: أنا. قال: فتكلم. قال: إنك ملك
لا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم. وأنا أحب أن أجيب عن أصحابي. فأمر هذين
الرجلين فليتكلم أحدهما، فتسمع محاورتنا.
فقال عمرو لجعفر: تكلم. فقال جعفر للنجاشي: سله أعبيد نحن أم أحرار؟
فإن كنا عبيدا أبقنا من أربابنا فإرددنا إليهم. فقال عمرو: بل أحرار كرام. فقال:
هل أهرقنا دما بغير حق فيقتص منا؟ قال عمرو: ولا قطرة. فقال: هل أخذنا أموال الناس
بغير حق فعلينا قضاؤها؟ فقال عمرو: ولا قيراط. فقال النجاشي: فما تطلبون منه؟ قال:
كنا نحن وهم على أمر واحد على دين آبائنا. فتركوا ذلك واتبعوا غيره. فقال النجاشي:
ما هذا الذي كنتم عليه. وما الذي اتبعتموه؟ قل وإصدقني.
فقال جعفر: أما الذي كنا عليه فتركناه وهو دين الشيطان، كنا نكفر
بالله ونعبد الحجارة. وأما الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام جاءنا به من الله
رسول وكتاب مثل كتاب ابن مريم موافقا له. فقال: تكلمت بأمر عظيم فعلى رسلك.
ثم أمر بضرب الناقوس. فاجتمع إليه كل قسيس وراهب. فقال لهم: أنشدكم
الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، هل تجدون بين: عيسى وبين يوم القيامة نبيا؟
قالوا : اللهم نعم. قد بشرنا به عيسى، وقال من آمن به فقد آمن بي، ومن كفر به فقد
كفر بي. فقال النجاشي لجعفر : ماذا يقول لكم هذا الرجل؟ وما يأمركم به؟ وما ينهاكم عنه؟.
فقال: يقرأ علينا كتاب الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر
ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم، ويأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك
له.
فقال: اقرأ مما يقرأ عليكم. فقرأ سورتي العنكبوت والروم. ففاضت عينا
النجاشي من الدمع. وقال: زدنا من هذا الحديث الطيب. فقرأ عليهم سورة الكهف.
فأراد عمرو أن يغضب النجاشي. فقال إنهم يشتمون عيسى وأمه. فقال: ما
تقولون في عيسى وأمه؟ فقرأ عليهم سورة مريم. فلما أتى على ذكر عيسى وأمه رفع
النجاشي بقشة من سواكه قدر ما يقذي العين. فقال: والله ما زاد المسيح على ما
تقولون نقيرا.
قال الأب:
- توفي النجاشي في العام التاسع للهجرة وقال الرسول محمد لأصحابه:
"اخرجوا فصلوا على أخٍ لكم مات بغيْر أرضكم"، فخرج بهم إلى الصحراء
وصفهم صفوفًا ثم صلى عليه صلاة الغائب، وكان ذلك في شهر رجب.
الإسراء والمعراج
الإسراء: الرحلة التي قام بها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في
شهر رحب ما بين السنة الحادية عشر إلى السنة الثانية عشر على البراق مع جبريل ليلا
من بلده مكة إلى بيت المقدس في فلسطين.
- قال ابن إسحاق : قال الحسن: قال رسول الله: بينا أنا
نائم في الحجر، إذ جاءني جبريل، فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي،
فجاءني الثانية فهمزني بقدمه، فجلست ولم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة
فهمزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابة
أبيض، بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع يده في منتهى
طرفه، فحملني عليه، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته .
- فمضى رسول الله، ومضى جبريل معه، حتى انتهى به إلى بيت المقدس،
فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمَّهم رسول الله فصلى بهم، ثم
أُتي بإناءين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن. قال : فأخذ رسول الله إناء
اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر . قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة،
وهديت أمتك.
قال أحمد:
فلما خرج رسول الله إلى الناس أخبرهم، فعجبوا وقالوا: ما آية
ذلك.؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط؛ قال: آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي
كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندَّ لهم بعير، فدللتهم عليه، وأنا موجَّه إلى
الشام.
ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نياما،
ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما
كان؛
وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء، ثنية التنعيم، يقدمها جمل
أورق، عليه غرارتان، إحداهما سوداء، والآخرى برقاء.
قالت : فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أولُ من الجمل كما وصف
لهم، وسألوهم عن الإناء، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا
فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه ماء . وسألوا الآخرين وهم بمكة، فقالوا
: صدق والله، لقد أُنْفرنا في الوادي الذي ذكر، وندّ لنا بعير، فسمعنا صوت رجل
يدعونا إليه، حتى أخذناه .
قالت ندى:
- ارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر، فقالوا له:
هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع
إلى مكة. فقال لهم أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يُعجبكم من
ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في
ساعة من ليل أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه،
- جاء أبو بكر إلى رسول الله، فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤلاء أنك
جئت بيت المقدس هذه الليلة .؟
قال: نعم؛ قال : فصفه لي، فإني قد جئته - قال الحسن :
فقال رسول الله: فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا،
حتى إذا انتهى.
قال رسول الله لأبي بكر:
وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله
فيمن ارتد عن إسلامه لذلك:
(وَمَا جَعَلْنَا
الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ
الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا
طُغْيَانًا كَبِيرًا(60) .
ويؤكد علماء المسلمين أن هذه الرحلة تمت بالروح والجسد معاً وإلا لما
حصل لها الإنكار المبالغ فيه من قبيلة قريش، وأن هذه الرحلة تجاوزت حدود الزمان
والمكان.
المعراج:
عن أبي سعيد الخدري أنه قال: سمعت رسول الله يقول:
لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أُتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن
منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي
إلى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال
له: إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف
ملك.
- قال : يقول رسول الله حين حدث بهذا الحديث: وما يعلم جنود
ربك إلا هو - فلما دُخل بي، قال: من هذا يا جبريل .؟ قال : هذا محمد
. قال : أوقد بعث.؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير.
قال الأب:
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله،
أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا
مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا،
ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره،
- فقال لي جبريل : هذا مالك صاحب النار .
- إن رسول الله قال: لما دخلت السماء الدنيا، رأيت بها رجلا
جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم، فيقول: روح طيبة خرجت من جسد طيب؛ أو يقول: أف،
روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قلت : من هذا جبريل.؟ قال : هذا أبوك
آدم، تعرض عليه أرواح ذريته.
قالت ندى:
في السماء الثانية، ابنا الخالة : عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا،
قال: ثم أصعدني إلى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة
البدر؛ قال : هذا أخوك يوسف ابن يعقوب.
ثم أصعدني إلى السماء
الرابعة، فيها إدريس: يقول رسول الله : ورفعناه مكانا عاليا.
- قال: ثم أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس
واللحية، عظيم العثنون، لم أر كهلا أجمل منه؛ قال هذا المحبَّب في قومه هارون بن
عمران،
ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى، كأنه من
رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن
عمران.
ثم أصعدني إلى السماء
السابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون
ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة. لم أر رجلا أشبه بصاحبكم، ولا صاحبكم
أشبه به منه؛ قال : هذا أبوك إبراهيم .
ثم دخل بي الجنة، فرأيت فيها جارية لعساء، فسألتها: لمن أنت.؟
وقد أعجبتني حين رأيتها؛ فقالت : لزيد بن حارثة، فبشَّر بها رسول الله زيد بن
حارثة .
- هذا يكفي فلو تتبعنا ما انتهينا.
قال أحمد
- من أين أجد الوقت لكل هذه الكتابة.؟!
****