صفر
هجرة النبى والصديق
ثاني شهور السنة الهجرية بعد المحَرَّم وقبل
ربيعٍ الأَولِ. والجمع: أصَفارٌ
كانت ندى تتعجب وهى تقرأ عن أهم
أحداث شهر صفر، ولاحظ والدها ما بدى عليها من دهشة فسألها.
- ماذا وجدت يا ندى.؟
- تعرف يا أبى أهم حدث فى
شهر صفر ما هو.؟!
- نعم، تقصدين هجرة النبى
(صلى الله عليه وسلم)
- فقد غادر (صلى الله
عليه وسلم) بيته فى ليلة 27 من شهر صفر، الموافق 9سبتمبر سنة 622م .
قال الأب:
- فإذا اعتبرنا شهر محرم هو
بداية الشهور الهجرية يكون شهر صفر هذا من السنة الرابعة عشرة من النبوة، أما إذا
قلنا بشهر النبوة أى رمضان فيكون من السنة الثالثة عشرة.
قال أحمد:
- أهم ما لفت نظرى فى هذا الأمر
هو دور أبى بكر
- بالطبع يا أحمد فهو
الصديق، وهو الذى اختاره الله ليكون ثانى اثنين إذ هما فى الغار، ولكني أسألك.
- لماذا كانت هجرة
النبى.؟
- لما ضاقت قريش بدعوته
(صلى الله عليه وسلم) ولم ينفع معه أسلوب المساومة فى أن يجعلوه ملكا عليهم أو يجمعوا
له أموالا ويجعلوه أغناهم وقال لعمه مقولته المشهورة:
«والله يا عم لو وضعوا
الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو
أهلك دونه»
قال الأب:
- وضعوا خطة جهنمية لقتله، وهى
اختيار شاب قوى جلد من كل قبيلة
وهؤلاء الشباب يضربونه ضربة رجل
واحد فيتفرق دمه بين القبائل
ما كان الله ليتركه فى هذه
المحنة.
نزل إليه جبريل يخبره بمؤامرة
قريش، وأن الله قد أذن له فى الخروج وحدد
له وقت الهجرة قائلا:
«لا تبت هذه الليلة على
فراشك الذى كنت تبيت عليه»
قالت ندى:
- جميل، وبالمناسبة جاءت تسمية
هذا الشهر من قولهم صفرت الرباع عن أهلها.. أى خلت الدور والخيام من أهلها وذهابهم
إلى الإغارة على القبائل الأخرى.
- بعد أن انتهت الأشهر
الحرم التى كانوا يحرمون فيها من القتال وقد ذهب فى الهاجرة إلى بيت أبى بكر.
- قال (صلى الله عليه
وسلم) فإنى قد أذن لي فى الخروج.
فقال أبو بكر على الفور:
- الصحبة يا رسول
الله.
- وفرح لأنه كان يريد
الهجرة والنبى يقول له انتظر لعل الله يجعل لك صاحبا.
وكان أبو بكر قد جهز راحلتين
لهذا اليوم.
- عاد النبى إلى بيته،
فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى نام.
قالت ندى:
- والميعاد بعد منتصف
الليل مع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم
قال (صلى الله عليه وسلم) لعلي بن أبى طالب:
- نم فى فراشى وتغطى
ببردى، فإنه لن يخلص إليك شىء تكرهه.
- ودور أخر لعلي وهو رد
الودائع إلى أهلها.
- خرج (صلى الله عليه
وسلم) من بينهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه وهو يضع التراب على رؤوسهم ويتلو قوله
تعالى:
«وجعلنا من بين أيديهم
سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون»
قال الأب:
- ومضى إلى بيت أبى بكر، فخرجا
بسرعة من باب خلفي، ورغم أن النبى (صلى الله عليه وسلم) مؤيد من ربه لم يترك
الحيطة وإعمال العقل فقد وضع الترتيبات الدقيقة، والتخطيط السليم الذى يكفل نجاح الهجرة،
وكانت خطته (صلى الله عليه وسلم) الاتجاه إلى اليمن حيث الأنظار ستتجه إلى طريق
المدينة.
- مشيا نحو خمسة أميال،
حتى وصلا جبل ثور وهو جبل شامخ، وعر الطريق، صعب الصعود عليه، به أحجار كثيرة.
- وكان (صلى الله عليه
وسلم) يمشى على أطراف قدميه كي يخفى أثره
انتهيا إلى غار فى قمة الجبل يقال له غار ثور.
وهنا يبدأ دور أبى بكر المثالي
أقسم أن يدخل الغار أولا حتى إذا كان فيه شيء أصابه دون النبي، فوجد فيه ثقوبا فشق
إزاره يسد به الثقوب وبقى منها اثنان وضع فيهما رجليه، فلدغ
- هو الصديق ياندى أول من أسلم من الرجال، وأول من صدق الإسراء
والمعراج.
قال أحمد:
- وزع (صلى الله عليه وسلم)
المسئوليات من تموين، وتمويه، ونقل الأخبار واختار فريق العمل:
- أسماء بنت أبى بكر
للتموين
وموقف أسماء من الهجرة موقف بطولى يتوقف عليه
عصب الحياة فكانت تعد الطعام للرسول
ولأبيها، وتحمله إليهما في الوقت المناسب من الليل غير مباليه لما يلحق بها من
أذى.
وتبذل جهودا مضنية حتى تصل إلى
الغار وتسلك الطريق الخفى وتبتعد عن المكان الذي تقصده ثم تعود.
- كما أنها تحدت بصمودها
كبار المشركين حينما أرادوا معرفة مكان النبي وأبيها، فلطمها أبو جهل فقطع
أذنها.
- سميت ذات النطاقين
لأنها صنعت طعاما للنبي فلم تجد ما تربطه به فشقت نطاقها الحزام
وشدت به الطعام. قال (صلى الله
عليه وسلم):
"إن لها نطاقين فى الجنة"
- وعبد الله أيضا ابن أبى
بكر للأخبار.
كان عبد الله يبيت عندهما، وعند
السحر يمشى فيصبح مع قريش وكأنه بات بينهم وهو يعى تماما ما يقال وينقله
إلى النبي فى الليل.
- وعامر بن فهيرة
للتمويه.
وعامر هذا مولى أبي بكر يرعى
غنما له فى ريعان أهل مكة.
فإذا أمسى يمر بغنمه على الغار
يسقي النبي وأبا بكر من لبنها
وفى العودة يسير في الطريق الذي
يسبر فيه عبد الله وأسماء ليخفي أثار أقدامهما.
- نلاحظ أنهم جميعا لأبى بكر.؟
- لا غرابة فهو أبو بكر
الذى جاد بنفسه والذي خرج بماله كله خمسة آلاف درهم.
قالت ندى:
- أين هذه الصداقة يا
أبى.؟
- إنها صداقة أنبياء
فالتمسي لأصدقائك العذر.
- مكث الرسول وصحبه فى
الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة والسبت، والاحد
حتى سكن عنهما البحث.
فجاء عبد الله بن أريقط الذى استأجره النبى (صلى
الله عليه وسلم) ليكون الدليل إلى يثرب.
- ووصل إلى المدينة بسلامة
الله، بعد أن وعد سراقة بسوارى كسرى.
قال الأب:
- لا تغلقين الكراس فأنا أرى
كلاما أخر.
- هذه العبر التى نتعلمها
من هجرة الرسول.
- مثل ماذا.؟
- كيف تكون الصداقة،
الترتيب للشيء مهما كنت ضامنا له، أخذ الحذر وإعمال العقل، دور المرأة والتضحية من
أجل دينها.
- الحقيقة أن أسماء لها
دور كبير في الإسلام لعل يكون له وقت أخر أغلقى كراستك وتذكري قول الله تعالى:
«إذ يمكر بك اللذين كفروا
ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله، والله، والله خير الماكرين».
قال أحمد:
- هاتي يا ندي هذه الأوراق حتى
أكتبها.
- تفضل يا أحمد.. بارك الله فيك.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني