شوال
خالد بن الوليد فى أحد وحنين
لبست
ندي ثوب العيد ودارت حول نفسها في المرآة وقالت:
- ما أجمل الفرحة بعد الصيام
والعبادة، ثم نظرت لوالدها وقالت:
- كم ستعطينى عدية هذا العام، لا تنسى أنني كبرت وأستحق عدية
كبيرة.
قال
الأب:
- تستحقين كل الخير فأنت تسجلين أحداث الشهور الهجرية، وهذا عمل
جليل لك ثوابه من عند الله .
انطلق
أحمد قائلا :
- وأنا أليس لي ثواب المشاركة معها، وأنا أدونه على الانترنت أولا
بأول
قال
الأب طبعا يا أحمد إن ما تقوم به لا يقل
قيمة عما تفعله ندى.
دخلت
الأم بصنية الكعك والبسكويت وقالت:
- خيركم من تعلم العلم وعلمه.
قال
الأب:
- هيا اجلسوا نأكل الكعك ونتسامر بعض الوقت.
قالت ندى:
- أليس من صام رمضان
إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.؟
قال الأب:
- بلى.
قالت ندى:
- لم أفهم يا أبى ماذا تقصد هل نعم أم لا.؟
- بلى يعنى نعم لأن سؤالك بدأ
بالاستفهام.
- إذن أنا صمت رمضان كله هذا العام فهل غفر الله لي ذنوبي.
قالت الأم:
- أولا يجب أن تشكرا الله الذى وفقككا في صيام الشهر.
- وكيف يكون ذلك يا أمي؟
- أن تصوما ستة أيام من شوال.
قالت
ندى:
- أيكون شكر الصوم بالصوم أيضا.؟
قالت
الأم:
- بلى فصيام شهر رمضان
نعمة كبيرة وفقك إليها الله سبحانه وتعالى.
قال
أحمد:
- وهذه الأيام الست فقط من أجل الشكر.
قال
الأب:
- ومن أجل جبر الكسر أيضا.
قالت
ندى:
- ماذا تعنى بجبر الكسر ؟
- أعنى أنه قد يحدث من الصائم بعض الأخطاء.
- تقصد النرفزة، وعكننة المزاج .
- بالاضافة لما يحدث من غيبة ونميمة، وغيره.
قال
أحمد:
- ولكنها أشياء تحدث سهوا يا أبي أي من غير قصد.
- ولكنها تنقص الصيام وهؤلاء
الست يكملون هذا النقص.
قالت
ندى.
- فيكون بذلك شهر رمضان صيامه تام.؟
- بل يكون قد تم صيام العام كله
بإذن الله.
أحمد
وندى:
-
العام كله
ضحكت
الأم وقالت:
- عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر.
قالت
ندى:
- وكيف يكون ذلك.؟
- ألا تعلمي أن الحسنة بعشرة
أمثالها.
- بلى.
ضحك
الأب وقال:
- لقد تعلمت بسرعة، وأكمل:
- وعلى هذه القاعدة قال (صلى
الله عليه وسلم) صيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فيتم بذلك صيام
سنة كاملة.
قال
أحمد:
- ما أعظم الخالق شكر النعمة،
وجبر الكسر، وصيام العام.
أسرعت
ندى تحضر دفترها وهى تقول:
- لقد فاتنى أن أدون هذا الكرم الإلهى وأنا أجمع فضائل شهر شوال.
قال
الأب:
- وماذا دونت من أحداث فى شهر شوال.؟
غزوة أحد
-هذه منطقة صحراوية يبرز فيها
جبلان وتبعد عن المدينة المنورة مقدار خمسة أميال.
قالت
ندى
- والجبلان هما سلع، وهو قليل الارتفاع، وأحد، وهو جبل كبير وبه
مسالك وشعاب.
قالت
أحمد:
- وهى ثانى غزوة للمسلمين، وحدثت في منتصف شوال من السنة الثالثة
للهجرة.
- وكانت معركة ضارية بين قوات
المسلمين بقيادة الرسول(صلى الله عليه وسلم) وبين المشركين بقيادة أبى سفيان بن
حرب.
قالت
ندى:
- وبسبب المعركة رغبة المشركين في الثأر لهزيمتهم في بدر، واستعادة
هيبتهم.
قال الأب:
- وقد استعدوا لهذه المعركة برصد الأموال، وإعداد الرجال، وتجهيز
السلاح.
قال أحمد:
- ليس هذا فقط، وأيضا باستمالة قبائل العرب إلى صفهم.
قالت
ندى:
- هذا حقيقى وقد خرجت خمس عشرة امرأة من قريش لمساعدة المحاربين -
يقضين الحوائج للجيش من اعداد الطعام، وحراسة المتاع، ويضربن الدفوف.
قال
الأب:
- وهل كان جيش المسلمين على هذا النحو من الاستعداد.؟
قالت
ندى:
- كان الجيش متألفا من ألف مقاتل، مائة من لابسي الدروع، وخمسون
فارسا، أما باقي الجيش فمن حملة الرماح، والنبل.
قال
أحمد:
- أما عدد قوات المشركين فثلاثة آلاف رجل، مائتا فارس، وسبعمائة من
حملة الدروع.
قالت
ندى:
- ولكن
المسلمون تغلبوا على هذا النقص بعدة سبل، فقد عبأ (صلى الله عليه وسلم) جيشه،
وهيأهم صفوفا للقتال، فانتخب منهم فصيلة من الرماة الماهرين، من خمسين مقاتلا.
- أعطى قيادتها لعبد الله بن
جبير، وأمرهم بالتمركز على جبلٍ عرف فيما بعد بجبل الرماة وقال(صلى الله عليه وسلم) لقائدهم:
« انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتون من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا
فاثبت مكانك»
- ثم قال للرماة:
« حموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد
غنمنا فلا تشركونا»
قال
الأب:
- وبتعيين هذه الفصيلة على الجبل مع هذه الأوامرالعسكرية الشديدة
سد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الثغرة الوحيدة التى يمكن لفرسان المشركين أن
يتسللوا منها.
قالت ندى:
- أما
بقية الجيش فجعل على الميمنة المنذر بن عمرو، وعلى الميسرة الزبير بن العوام،
وعليه الصمود في وجه فرسان خالد بن الوليد وكان إذ ذاك مشركا.
قال الأب:
- وقد كانت خطة حكيمة ودقيقة جدا، تتجلى فيها عبقريته (صلى الله
عليه وسلم) العسكرية.
- فقد احتل أفضل موضع من ميدان
المعركة، وحمى ظهره ويمينه بارتفاعات الجبل، وحمى ميسرته وظهره بالرماة على الجبل.
قال أحمد:
- واختار لمعسكره موضعا مرتفعا، واضطر أعداءه إلى قبول موضع منخفض
وفوائد ذلك كبيرة، فإن كانت الغلبة للأعداء فلن يحصلوا على شىء من فوائد الفتح،
وإن كانت الغلبة للمسلمين يصعب عليهم الافلات من قبضتهم.
قالت ندى:
- وكان هذا أسلوبا جديدا في تكتيك الحرب بينما ظل المشركون على
تكتيكهم القديم وهو الكر والفر.
قال أحمد:
- دار القتال وكان عنيفا، مات في بدايته عشرة من بنى عبد الدار من
حملة لواء المشركين، وبقي لواؤهم ساقطا.
- وكان القتال المرير في سائر
نقاط المعركة، انطلق المسلمون خلال جنود الشرك وهم يقولون «أمت، أمت» فهذا شعارهم
يوم أحد.
- وانتصر المسلمون وأخذوا يطاردون المشركين الذين تفرق جيشهم في كل
مكان.
قال الأب:
- وهنا حدث الخطأ الفادح فقد تصور الرماة من فوق الجبل أن هزيمة
المشركين قد تحققت فنزل معظمهم لجمع الغنائم.
- وبذلك أصبح الجبل خاليا والظهر
مكشوفا، بالإضافة إلى مخالفة أوامر رسول (صلى الله عليه وسلم)
قالت
ندى:
- فأدرك خالد بن الوليد أهمية ذلك فعاد واحتل الجبل وفاجأ المسلمين
من الخلف.
قال أحمد:
- وزاد حجم الهزيمة أن شاع في الناس أن محمدا قد قتل.
قال الأب:
- وكان لابد من الهزيمة حتى نتعلم الدرس الكبير وهو طاعة القائد
والامتثال لأوامره.
غزوة حنين
- وهناك غزوة أخرى فى شهر شوال.
قال أحمد:
- أتقصدين غزوة حنين.
- نعم ومن المفارقات أن خالد بن
الوليد الذى كان ضد المسلمين في أحد هو الآن مسلما يحارب في صفوف المسلمين في
حنين.
- وغزوة
حنين حدثت بعد فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجا.
قالت
الأم:
- وماذا كان سبب الغزوة
قالت ندى:
- أما الكفار واليهود فيخشون على مكانتهم، فاجتمعوا على الكيد
للمسلمين.
- جمع مالك بن عوف قبيلة هوازن،
وقبيلة ثقيف وأمرهم أن يحملوا على المسلمين، حتى يزول أثر انتصارهم السابق.
- امتثلت
القبائل أمر مالك وتحصنت بمضيق الوادى.
قالت ندى:
- علم الرسول (صلى الله عليه وسلم) خبرهم فخرج إليهم في السادس من
شوال في اثني عشر ألفا.
قال أحمد:
- الله أكبر، وصل جيش المسلمين اثني عشر ألفا.!
- نعم، عشرة من أهل المدينة
وألفان من أهل مكة.
قال الأب:
- لا تغتر فهذه المعركة قال تعالى عنها.
« ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم»
قال أحمد:
- وماذا كانت خطة النبى (صلى الله عليه وسلم) فى هذه المعركة.؟
قالت ندى:
- أرسل(صلى الله عليه وسلم) إلى صفوان بن أمية وهو مشرك يستعير منه
دروعا وأسلحة يردها له بعد المعركة.
قال أحمد:
- وماذا قال هذا المشرك.؟!
- تصدق أنه وافق، وأرسل للنبي ما
يريد.
- وباقى الخطة.؟
- وصل المسلمون إلى وادى حنين في غبش الصبح، فوجدوا وابلا من سهام
يتساقط فوقهم.
قال أحمد:
- بالطبع اهتز جيش المسلمين ومنهم من فر ومنهم من ثبت.
قال الأب:
- ولكن النبى (صلى الله عليه وسلم) ثبت وسط هذه الفوضى ووقف على
ربوة ينادي:
«أنا النبى لا كذب أنا ابن عبد
المطلب»
- ثم أمر عمه العباس أن ينادي أصحاب الشجرة.
قالت ندى:
- أصحاب الشجرة هم الذين بايعوا النبي تحت الشجرة.
قال الأب:
- نادى العباس وكان رجلا جهير الصوت يا أصحاب الشجرة فقالوا:
- لبيك.. لبيك.. وعادوا.؟
- ولما اشتدت المعركة أخذ رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بعض الحصى
ورمى بها وجوه الكفار.. وقال:
« انهزموا ورب محمد »
قال الأب:
- ما هى الدروس المستفادة من هذين الغزوتين.
قالت ندى:
- بين الغزوتين تشابه كبير أوله اشتراك خالد بن الوليد فيهما.
قال أحمد:
- ولكنه في أحد كان مع المشركين، وفي حنين مع المسلمين.
قالت ندى:
- فى أحد انتصر المسلمون أولا، ولما خالف الرماة أمر النبي
انهزموا.
- أما في حنين انهزم المسلمون
أولا وفروا من القتال، ولما استجابوا لنداء النبي وعادوا انتصروا.
قالت الأم:
- صحيح « وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»
قال الأب:
- والآن ماذا أنت فاعل يا أحمد.؟
نهض مسرعا وقال:
- إلى الكمبيوتر لأسجل ما توفر لدينا من معلومات مهمة.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني