مغامرات ندى: حقيبة ندى (القصة الأولى)


حقيبة ندى
ندى تكتب مذكراتها لأنها تعرضت لحدث تراه جميلاً ويستحق التسجيل حتى يكون دليلها طوال العمر.

تقول ندى في مذكراتها:
- في بداية العام اشترت لي أمي حقيبة جديدة، جميلة وغالية الثمن، وقدمتها لي وهي تقول: لأنك بنت مطيعة ومجتهدة في دروسك أرجو أن تحافظي على مستواك الدراسي والأخلاقي. 
ولكن الحقيبة أصابتني بالغرور فكنت أذهب إلى المدرسة متباهية بها على زميلاتي، وكانت سهير زميلتي في المدرسة تضع كتبها في كيس بلاستيك لأنها طفلة فقيرة، فكنت أعايرها بجمال حقيبتي وغلو ثمنها، وهي لا تبالي.
في نهاية الشهر جاءت شهادتي، كل درجاتي منخفضة، فذهبت والدتي إلى المدرسة لتستفسر عما حدث فقالت لها المعلمة:
- ندى تمضي وقتها في اللعب ولا تستذكر دروسها، وكنت أفضل أن تكون هذه الحقيبة الجميلة مكافأة لها على اجتهادها، لا لحمل الكتب فقط وسببا للتباهي على أقرانها.

قالت أمي:
- ومن هي البنت التي طلعت الأولي على الفصل؟

قالت المعلمة:
- الأولي هي سهير.

فنادت أمي على سهير وقالت لها:
- أين حقيبة المدرسة؟
فأخرجت سهير كيسًا من البلاستيك وقالت: هذه هي حقيبتي، مجرد شيء أحفظ فيه كتبي وأدواتي.

قالت أمي:
- اسمحي لي أن أبدل حقيبتك بحقيبة ندى فأنت تستحقين الحقيبة الجميلة مكافأة لك على اجتهادك كما قالت المعلمة، أما ندى فتستحق مجرد شيء تحفظ فيه كتبها وأدواتها..

تقول ندي:
- غضبت واحتججت على ذلك وبكيت فصممت أمي:
- لا رجوع في هذا الكلام ما دمتِ لم تقدري قيمة حقيبتك والهدف منها، بل تجعلين منها مجرد حافظة لأوراق خاوية لا فائدة منها. 
ازداد بكائي، وازداد تصميم أمي، وهنا تقدمت سهير وقالت اسمحوا لي أن أتكلم؟

فقالت أمي:
- قولي أي شيء غير أنك تعيدين الحقيبة لندى.

قالت سهير:
- بالعكس سوف احتفظ بالحقيبة ولكن سنجعلها مكافأة للتفوق، نحدد شهرا من الآن فإذا تفوقت ندى في درجات الشهر القادم فسوف أعيد إليها حقيبتها، وسوف أحتفظ بالحقيبة معي حتى تراها ندى كل يوم في يدي فيزيد حماسها وتذاكر باجتهاد.

قالت المعلمة:
- هذه فكرة جيدة أنا أوافق عليها، ولابد أن توافق عليها ندى إذا أرادت أن تسترد حقيبتها.

تقول ندى:
- اضطررت أن أقبل هذا التحدي فالموضوع أصبح إثباتا للذات أكثر من قيمة الحقيبة نفسها.. وبدأت المنافسة بيني وبين سهير، وبدأت البنات يتابعن المباراة يوما بيوم ويوجهن الأسئلة لي مرة ولسهير مرة فتقول سهير:
- أنا كسبت هذه الحقيبة في مسابقة ثقافية لأنني مجتهدة وأقرأ كثيرا، وإذا لم تصدقوا، فأنا مستعدة في أي لحظة أن أدخل مسابقة وأفز فيها. 
لكنك تسكنين في حجرة واحدة مع والديك وإخوتك فمتي وأين تذاكرين؟

فترد:
- المذاكرة لا تحتاج إلى مكان فسيح ولا إلى هدوء مميت كما تدعون، أنا لا أحتاج لأكثر من المكان الذي يحتوي جسمي أجلس أمام منضدة صغيرة جدا أضع فوقها الكتاب الذي أحتاجه، وعندما أندمج في المذاكرة لا أسمع أي صوت بجواري.

فيقولون لها:
 - وهل إذا تفوقت ندى في درجات الشهر سوف تعيدين لها الحقيبة؟

تقول:
- على فكرة أنا لا أحب أن أتزين بحقيبة غالية الثمن ولا بفستان أنيق، وحذاء جميل وعقلي فارغ؛ لأن الأشياء تذوب وتبلى ويبقى العقل، وعلى رأي المثل «العقل زينة».

تقول ندي:
- كان هذا الكلام يصلني فيزيد من حماسي واقبإلى على دروسي بنهم، أدرس وأحفظ، وأسأل معلمتي وأبي وأمي، وحتي زميلتي دون خجل، والأيام تمر، وجاء الامتحان الذي فيه يكرم المرء أو يهان، فدخلت اللجنة وعيني على التفوق لا على الحقيبة، وجاءت النتيجة مفاجأة للجميع، فقد حصلت أنا وسهير على درجات متساوية، ووقفت المعلمة تقول:
- لقد وقعنا في حيرة، حصلت كل من سهير وندى على المركز الأول مناصفة فكيف سنقتسم الحقيبة؟!

قالت سهير:
- الحقيبة من حق ندى لأنها بذلت جهدا مضاعفا.

فتقدمت ندى أمام الجميع، وقالت:
 بل هي من حق سهير لأنها علمتني دروسا عظيمة أهمها قيمة العقل، وقيمة العلم، وأهم من ذلك أن الإنسان يملك الإرادة ويستطيع أن يحقق ما يريد في أي وقت إذا أراد..
وهنا تدخلت الأم تمدح سلوك كل من الطفلتين ووعدت ندى بأن تحضر لها حقيبة أخرى جميلة مكافأة لها على تفوقها.
******************


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني