جولة مع عروس النيل 1
ندى وصنبور المياه
ندى طفلة
جميلة وشقية جدا، ورغم أنها تسمع كلام بابا وماما إلا أنها تنسى وتعود للفعل الذى سبق واعتذرت عنه من قبل.
من أخطر
تصرفاتها إهدار المياه بعدم إغلاق الصنبور جيدا بعد استعماله، وتظل قطرات الماء
تتسرب قطرة قطرة، وإذا ذكرتها أمها بقيمة الماء وطلبت منها أن تذهب وتحكم غلق
الصنبور تذهب على الفور، ولكنها بمجرد أن ترى قطرات المياه اللامعة تبتهج وتنسى ما
أتت من أجله، فتضع يدها تحت القطرات وتجمعها فى كفها ثم ترشها على الحائط وعلى
المرآة وعلى الأرض فتكون الخسائر مضاعفة.
غضبت
الأم كثيرا فقد استعملت معها كل وسائل الترغيب والترهيب لتدلها على قيمة الماء فى
حياة الإنسان، وسمعناها تقول لها أكثر من مرة:
- تخيلى كيف تكون الحياة بغير الماء؛ القاذورات سوف تنتشر فى كل مكان
وتغطى جسد الإنسان، فتنتشر الأمراض، والرائحة غير المستحبة، وتنعدم الحياة على
الفور .
لم
تستوعب ندى هذا الكلام، وقالت لأمها :
- الماء الذى أهدره بسيط جدا بالنسبة للمياه الكثيرة التى تملأ البحار
والأنهار.
قالت
الأم :
- إذن سوف أثبت لك عمليا مقدار ما تهدرين من مياه..
أحضرت الأم صفيحة كبيرة ووضعتها تحت القطرات المهملة فما هى إلا سويعات حتى كانت
الصفيحة قد إمتلأت إلى حافتها.
قالت ندى
:
- لكن
المياه كثيرة جدا يا أمى إنها تمثل 70% من
الكرة الأرضية، والمياه التى تهدر تتبخر وتعود مرة أخرى فى صورة أمطار.
قالت
الأم:
ولكنا لا
نشرب الماء من الأمطار مباشرة ولا من النيل مباشرة، ويجب أن تعلمى كم تتكلف قطره
الماء حتى تصل إليك في الصنبور نظيفة من الشوائب.
كل هذا لم يرجع ندى عن عادتها السيئة فى إهمالها
للمياه
وذات يوم
وفى سكون الليل كانت نقطة المياه تتساقط من الصنبور فتحدث صوتا رتيبا يزعج النائم،
ولما كانت غرفة نوم الأم بجوار الحمام مباشرة فقد ظلت تتقلب فى فراشها وتعذر عليها
النوم.. ثم نهضت الأم، واتجهت الى الحمام لكى تغلق الصنبور لكنها توقفت وفكرت
قليلا، ثم ذهبت إلى غرفة نوم ندى التى هى بعيدة عن الحمام وأيقظتها من الأحلام الجميلة :
- قومى يا ندى ونامى فى غرفتى، وأنا
سأنام مكانك
لماذا يا أمى.؟
لا شىء.. أريد أن أنام فى فراشك هذه الليلة .
تعجبت
ندى من طلب والدتها ولم تفلح فى معرفة السبب، فاضطرت أمام إصرارها إلى أن تترك
سريرها وتذهب إلى الغرفة الأخرى، وتنام فى سرير الأم.
لم تستطع ندى أن تستغرق فى النوم لسببين
أولا:
لأنها صحت لتوها من النوم.
ثانيا:
لأن ذهنها كان يفكر فى السبب الذى جعل والدتها تبدل الغرف
ولما
بدأت تستسلم للنوم وبدأ الهدوء يتسرب إلى نفسها تسلل إلى سمعها صوت القطرات
المصطدمة بسطح الحوض محدثة دقة رتيبة يصعب معها النوم.
تبسمت
ندى وقد أدركت السبب الذى جعل أمها تنقلها إلى سريرها، فهى بالتأكيد تلقنها درسا
إضافيا لكى تغير من سلوكها المشين تجاه المياه، نهضت ندى واتجهت إلى الحمام .
وكالعادة
بدلا من أن تغلق الصنبور لمعت القطرات أمام عينيها، فضعفت مقاومتها أمام إغراء
الماء، وسرعان ما فردت يدها تستقبل القطرات وترشها على الحائط والمرآة، والأرض،
وظلت على هذا الحال مدة، وأثناء انتظارها لتجمع الماء فى يدها شعرت بشىء أثقل من
قطرة الماء يسقط فى كفها .
نظرت ندى
فى يدها مندهشة، وما رأته زاد من دهشتها
إرتجف
جسد ندى وهى ترى دمية صغيرة صغيرة تسبح فى مياه يدها حتى تصل إلى حافتها ثم تنهض
واقفة وتنفض نفسها من المياه العالقة بها وتقول :
اغلقى الصنبور ياندى قبل أن أخبرك
من أنا.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني