نور وبتول: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى



نور وبتول
:
أنا نور هل تذكرونني يا أطفال.؟ لقد زرتكم منذ ثلاث سنوات وكان عمري سبعة أيام، وحكيت لكم قصة الأيام السبعة.
والآن أزوركم مرة ثانية لأخبركم بشيئين:
الأول: أنني حفظت جزء عم كاملا، وأقامت لي أمي حفلا بهذه المناسبة عزمت فيها الأهل والأصدقاء.. وأحضر لي أبي خاتم ذهب هدية.
الأمر الثاني: الذي أود إخباركم به هو أنني رزقت بأخت أسميتها بتول.
نعم أنا التي اخترت اسمها من بين الأسماء الكثيرة التي عرضها على أبي والتي فضلتها أمي.. أتدرون لماذا صممت على هذا الاسم.؟ لأنني سألت أبي:
- ما معنى بتول.؟ فقال:
- معناه العذراء المنقطعة للعبادة تقربا إلى الله ، قال تعالى:
{واذكر اسم ربم وتبتل إليه تبتيلا} (المزمل:8)
- والاسم يطلق على السيدة مريم أم السيد المسيح (عليه السلام) فيقال مريم البتول، وكذلك يطلق على السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي (صلى الله عليه وسلم) فيقال فاطمة البتول.
وأمام إصراري وافق أبواي على الاسم.. واسم بتول متفق مع السنة حيث أوصانا النبي (صلى الله عليه وسلم) بحسن اختيار الاسماء مع بعض الشروط الأخرى.
- قليل الحروف خفيف على الألسن.
- حسنا في المعنى ملائما لحال المسمى.
- أختي بتول تشبهني تماما، وقد فعل معها أبي كما فعل معي، أذن لها في الأذن اليمنى وأقام الصلاة في الأذن اليسرى.. كما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) حين ولدت فاطمة (رضى الله عنها) الحسن.
وكذلك حنكتها أمي كما فعلت معي فقد أخذت تمرة ومضغتها جيدا ثم أخذت ريقها المذاب به التمرة ودلكت به سقف حلق أختي من أعلى إلى أسفل، ومن يمين إلى شمال، أيضا كما فعل النبي حين ولدت أسماء بنت أبي بكر(رضى الله عنها) الزبير.
- وكما فعل أبي معي حلق لبتول شعرها وتصدق بثمنه يوم العقيقة، وقد سمعت الذابح يقول كما علمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
"باسمك اللهم، منك وإليك هذه عقيقة بتول"
أختي بتول كريمة جدا فمنذ أن ولدت أتت لي بهدية، وفي كل يوم تأتي لي بأكثر من هدية: شيكولاتة، عصير، بسكويت، مصاصة، لبان.. ومرة أتت لي بكرة صغيرة مثلها.
وهي تأتي لي بالهدية لأنها تعرفني من قبل أن تولد حيث كنت ألعب معها وهي جنين في بطن أمي بوضع يدي على البطن فتجري هنا وهناك، وكنت أكلمها وأعدها بأنني سأحبها وأساعدها، ومرة كنت ألعب مع ابنة الجيران وتشاجرت معي وكسرت لعبتي فقلت لها لن ألعب معك وجريت على أمي وقلت لها طلعي أختي بسرعة لكي ألعب معها.
قالت أمي كله بأمر الله فانتظرت حتى ولدت.
وسألت أمي ما معنى جنين.؟ قالت:
- الجنين وجمعها أجنة، هو الحمل لا يزال في البطن الأم.. قال تعالى:
{هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} (النجم)
أما الصبي والبنت صبية، هو الطفل الذي في المهد.. قال تعالى:
{كيف نكلم من كان في المهد صبيا}
- أنا أحب هذه الصبية بتول جدا وهانذا أشاهد أمي وهي ترضعها وأساعدها وهي تغير ملابسها وتميط عنها الأذى بأن أناولها ما تريد، وسأنتظر حتى تكبر وتستطيع أن تلعب وتتحدث معي.
ومدة الرضاعة سنتان.. قال تعالى:
{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}
وأبي يسعى من أجل الرزق، والاسلام جعل السعي على الأطفال بمنزلة الجهاد، والطفل هو من لم يبلغ الحلم.. قال تعالى:
{وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم}
أما اليافع أو الغلام فهو على مشارف الاحتلام.. قال تعالى:
{ يا بشرى هذا غلام}
- أبي قال لي نحن حفَّظناك القرآن وأنت تحفظينه أختك.. وأنا سعيدة جدا لأنني سأكون معلمتها، وسعيدة أكثر أنه أصبح لي أخت ألعب معها في الصغر، ونتعاون على الحياة في الكبر.. كما أدعو لكل الأطفال أن يرزقوا بأخوة يحبونهم كما أحب أختي بتول.
وقبل أن أترككم على وعد بلقاء آخر كلما يجد جديد، أقول لكم هذه المعلومة: أمي تخاف علي وعلى أختي من الحسد، وتقول العين حق، لذلك فهي كل يوم بعد صلاة الفجر أجدها تضعني بجوار أختي وتدعو لنا وتقول:
{أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني