جولة مع عروس النيل 10
الأميرة تزرع وردة
قالت ندى:
- احكى لى أيتها العروس الجميلة قصة قبل أن أودعك.
قالت العروس:
- رأيت بعين خيالى وأنا أتجول فى نهر النيل على إحدى ضفافه قصرا
جميلا مضيئا، اقتربت من الشاطىء بجوار القصر استمتع بأنواره الباهرة، وأقول فى نفسي
لابد أن من يعيشون فى هذا القصر سعداء فإذا بى أسمع بكاء طفلة، اقتربت أكثر لأعرف
ما يبكيها فسمعتها تقول:
- لا يا أبى لابد أن أزرع الوردة بنفسي.
- ازرعيها يا حبيبتى لقد أحضرنا لك المزهرية وملأناها بالطين.
زاد بكاء الأميرة
وقالت:
- لا أريد أن ألوث يدىّ فى الطين، أريد أن أزرع الوردة فى شىء آخر
غير الطين.
قال الأب:
- لا تغضبى يا أميرة
سأحضر لك المستشارين، ونسألهم عن الحل.
قالت العروس:
- تشوقت لأن أعرف النتيجة فقررت العودة فى اليوم التالى، وجئت
وسمعت المستشار يقول:
- نستطيع أن نطحن الرخام ونجعله مثل البودرة، فإذا ما وضعت الأميرة
يدها فى الرخام المطحون لا تشعر بالتقزز.
صفق الأب بيديه فحضر
الخدم والحشم فأمر بعمل اللازم.
قالت العروس:
- تابعت الأحداث، ورأيت الخدم وهم يدخلون على الأميرة بفازة أنيقة
بها الرخام المطحون، فرحت الأميرة، وصفقت بيديها من السعادة، وقالت:
- أين الوردة ؟
قدم لها أبوها وردة
نضرة جدا وقال لها:
- تفضلى يا أميرة .
- أخذت الأميرة الوردة وغرستها فى الرخام المطحون وهى
سعيدة وقالت
فى الغد أفتح عينى
على منظرك البديع .
قالت العروس:
- ولما كنت أعرف ماذا سيحدث للوردة فى الصباح فقد حضرت مبكرة قبل
أن تصحو الأميرة، وشاهدتها وهى تستيقظ وتتمطى فى فراشها ثم اعتدلت ونظرت إلى
وردتها وشهقت فزعة، ثم أخذت تبكى، وتصرخ وتقول أين وردتى الجميلة لابد أن أحدا
أخذها ووضع لي مكانها هذه الذابلة
قالت ندى:
- بالطبع لم يأخذ أحد وردتها ولكنها قد ذبلت.
- تمام هذا ما حدث وقد
جاء أبوها على صوت بكاء الأميرة، ولما عرف أن وردتها ذبلت غضب هو الأخر ونادى على
صاحب المشورة الخائبة فجاء مهرولا. صاح
فيه الأب :
- كيف تدلنى على
وسيلة غير مجدية .؟
قال الرجل:
- لا تغضب يا مولاى..
لا تغضبى يا أميرتى، سوف نفكر فى حيلة أخرى.
- وظل المستشار يروح ويجىء مفكرا ثم صاح قائلا:
- وجدتها الذهب، يد الأميرة
لا توضع فى أقل من الذهب نبرد لها قدرا مناسبا من الذهب، تزرع فيه الأميرة وردتها .
قالت ندى :
- سوف يحدث كما حدث من قبل.
قالت العروس:
- هذا ما حدث بالفعل، ولما استدعى أبوها المستشار قال الرجل:
- هل يسمح لى يا مولاى بالتحدث مع الأميرة:
قال الأب:
- لا مانع.
اقترب الرجل من
الأميرة، وقال:
- أميرتي
الجميلة.. لقد جربت لك الأشياء السابقة لتعرفى بنفسك أن أى شىء يفسد ويموت إذا صار
ضد الطبيعة، تمام كما ماتت وردتك الجميلة
أما الطين يا مولاتى فهو أصل الحياة، وقد خلقنا الله سبحانه وتعالى من
الطين، ولو تمردنا على الطين نكون بذلك متمردين على أنفسنا، وكذلك لو زرعنا الوردة
فى غير الطين، تصبح جافة لا حياة فيها، والعبرة بالتجربة هيا نأتى بالطين ونزرع فيه الوردة ونرى
النتيجة.
- اقتنعت الأميرة إلى حد ما لكنها فكرت قليلا، وقالت:
- ولكن يدى ستتلوث بالطين.!
فرح الرجل وقال:
وقد خلق الله لنا
الماء نغتسل به ونروى به .
فكرت الأميرة قليلا،
وقالت :
- يبدو أننى فعلا مخطئة، أنا آسفة ما كنت أفهم هذا المعنى.
قالت العروس:
- جاءوا لها بإناء مملوء بالطين وأحضروا وردة
ناضرة، أخذتها الأميرة وغرستها فى الطين ولوثت يديها وهى سعيدة، ولما غادر الجميع
غرفة الأميرة، واستعدت للنوم، خرجت أنا من مخبئى ونقرت على زجاج نافذة الأميرة
فقامت وفتحت لى، وقالت:
- ماذا تريدين.؟
- أريد أن أقول، بقى شئ مهم لاستمرار حياة الوردة.
- ما هو هذا الشىء.؟
- الماء، فالماء هو حياة كل شىء، انظرى ماذا أفعل.
- وتقدمت وسقيت لها الوردة، ولما صحت فى اليوم التالى وجدت وردتها
أكثر نضارة، ورأتنى أنظر إليها من زجاج النافذة، فشكرتنى، وودعتها كما أنى سأودعك
الآن.
انطلقت العروس تلوح
لندى وتقول:
- إلى اللقاء.. لا تنسى ما وصيتك به.
صحت ندى من حلمها
الجميل لتجد نفسها واقفة أمام صنبور المياه تستقبل القطرات فى كفها، تنبهت وأغلقت
الصنبور بسرعة، وهى تقول لنفسها :
- لن أعود لهذا الفعل
أبدا .
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني