ندى وكتكوت الحكمة: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى



ندى وكتكوت الحكمة

عادت ندى من المدرسة وهى تحمل أربعة كتاكيت.. الكتاكيت شكلها جميل تصوصو بصوت ناعم يناسب كتكوت خرج من البيضة ليوم أو يومين. 
قالت الأم  
- هذا موسم الكتاكيت ولم تنسي عادتك، ثم تتركيهم يجرون في الشقة بطولها وعرضها، وبعد أن يكبروا قليلا ونجد أنهم بدأوا يبهدلون الشقة نبحث عن أحد يأخذهم، ثم أنهم يموتون أحيانا بعدم الرعاية الكافية.
قالت ندى
- هذا كان زمان وأنا صغيرة، الآن أنا كبرت وسأعتنى بها بنفسى، في حدود البلكونة، وفى الليل سوف أضعهم في صندوق وأغطيه، ولما تكبر الكتاكيت سأصنع لها عشة في البلكونة لا يخرجون منها، ونحصل منها على البيض والكتاكيت الجديدة 
ضحكت الأم وقالت: 
- لقد أتيت بالخطة الخمسية مرة واحدة، على كل حال سنرى ماذا سيكون.!
التزمت ندى بكلامها واعتنت بالكتاكيت عناية فائقة، فأحبتهم ودربتهم على بعض الحركات الشقية، وكانت الكتاكيت تقابل ندى بفرحة كبيرة، يلتفون حولها ويقفزون على كتفيها ويديها وكانت تتحدث معهم وتشرح لهم دروس المدرسة، وأحيانا تغني لهم وهم يصدرون أصواتا وكأنهم يعزفون لها وهى تغني.
ولما كبرت الكتاكيت قليلا قالت ندى: 
- ما رأيك يا أمى هل وفيت بوعدى، وما عليك إلا أن تنفذي وعدك وتصنعين لهم عشة يبيتون فيها، لأن الصندوق أصبح صغيرا عليها.
قالت الأم 
- حاضر يا ندى سوف أصنع لهم العشة غدا إن شاء الله نأتي بالنجار.
زاد مرح الكتاكيت في العشة، لعبوا وأكلوا طوال اليوم وأغلقت عليهم العشة فى الليل وذهبت لتنام ولكنها وهى نائمة استمعت إلى أصوات الكتاكيت تصوصو وكأنها تصرخ، نهضت ندى مسرعة وأضاءت النور فلاحظت ذيل عرسة تهرب من فتحة في البلكونة، ولما فتحت العشة وجدت كتكوتين قد ماتا والدم حول رقبتهما، والاثنان الآخران ينزفان من مؤخرتهما، صرخت ندى:   
- ماذا حدث.؟ ماذا حدث.؟
- احتضنت الأم ندى وأخذتها من أمام المنظر البشع، وهى تردد: 
- لم نأخذ بالنا من هذه الفتحة. 
- ظلت ندى مكتئبة لمدة يومين، والأم تصالحها وتطيب خاطرها وتعدها بكتاكيت غيرها، ولكن ندى ظلت حزينة وفاجأت أمها بسؤال.
- لماذا تأكل العرسة الكتاكيت.؟
 قالت الأم 
- هذه سنة الله في الكون يا ندى وحكمته، هناك مخلوقات تتغذى على دماء مخلوقات أخرى، ولله في خلقه شئون وله في ذلك حكمة لا يعلمها إلا هو.
سلمت ندى بالأمر أخيرا وجلست بين والديها تشاهد التليفزيون، وجاء مشهد مروع   جثث كثيرة ملقاة في الشوارع تنزف دماءها، والبلدوزر يقتلع البيت من أسفله فيدكه على رءوس من فيه، صاحت الأم: 
- الله يلعنكم يا جزارين.. يا قتلة.
قالت ندى 
- لا تغضبي يا أمي هذه سنة الله في الكون، هناك مخلوقات تتغذى على دماء مخلوقات ولله في خلقه شئون وله في ذلك حكمة لا يعلمها إلا هو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم.. نادية كيلاني